صباحاً
في دمشق
من
الشرفة
تتأمل
دمشق وهي
تستيقظ
صباحاً ،
ثم وهي
تنشط ،
وتزداد
حركة
السيارات
عابرة
الشوارع
المتفرعة
، وحركة
الناس ..
وتستغرب
من هذه
الأعداد
الهائلة
من البشر
وهي تواصل
زحفها .. كل
منها عالم
متفرد
ومشاغل
وهموم
وأحلام
وتطلعات
تتدافع
لقضاء
مآربها ،
ثمة هدوء
يسكن دمشق
، كل شيء
هادئ ،
وإنتظار
للمجهول
يملأ
حنايا
البشر ،
بالأمس
وأنت
تتجول في (
باب تومة )
تترسخ
لديك أكثر
فكرة هذا
الهدوء
الذي يسم
إيقاع
الحياة
الدمشقية
، وتحاول
أن تجد
تفسيراً ..
تنظر إلى
الأشجار
والنباتات
التي
تزين
الشوارع
والبيوت
وتتفرع
وتتشابك
حتى
وكأنها
تطرز صـدر
دمشق
وتقول
لنفسك :
ربما هذه
الأشجار
وهذه
الخضرة
التي تملأ
العيون
الدمشقية
أينما
نظرت هي
السبب في
هذا
الهدوء
النفسي
الذي
يتمتعون
به ، فحين
تفتح
العيون
الدمشقية
أجفانها
صباحاً
تستقبلها
هذه
الخضرة
، ويملأ
صدرها
عبقها
الفواح
فتنتعش ،
فكيف
يساكن
الإنسان
هذه
الخضرة
الفاتنة ،
والأشجار
الصامتة ..
البليغة
التعبير
عن نفسها
بهدوء
عجيب ، كيف
يساكن
الإنسان
كل هذا
عمراً
بأكمله
ولا تترك
أثراً في
روحه
وإسلوب
حياته ،
وحتى
طريقة
كلامه ..
تتذكر كيف
استوقفك
حديث
فتاتين
إحداهما
في شرفة
منزلها
والثانية
في الشارع ..
تنشد
أذنيك إلى
هذا
الإيقاع
الهادي في
الحديث ،
وهذا
الجمال
الذي
تتهادى به
الكلمات
من أفواه
الفتيات
بغنج
ودلال .. إن
أية كلمة
عادية من
فاه فتاة
دمشقية هي
أجمل
وأحلى من
كل كلمات
الحب التي
قد تنطقها
فتيـات
العالم
كله .
ودمشق
تنتظر
مجهولاً
ما ، هذا
الإنتظار
سمة
الإنسان
الدمشقي ،
لهذا هو في
كل
الحالات
وفي أرزأ
الظروف
تجده
متفائلاً
، ويعرف
كيف يحتال
على
الحياة ،
وينظر إلى
كـوبها
الملآن .. إن
الدمشقي
يولد وهو
ممتليء
بتاريخ
عريق ، وهو
إن لم يعرف
تفاصيل
هذا
التاريخ
جيداً إلا
أنه
يستشعره
من دبيب
قدميه على
الأرض ، من
أحاديث
أهله ..
يتشرب هذا
التاريخ
حتى يسري
في دماءه ،
لهذا فإن
هذا
الإنسان
من الصعب
أن يهزم
تماماً ،
إن ذاكرته
التاريخية
طويلة ،
وهـذا ما
يمنحه
رسوخاً
على الأرض
وقـدرة
على
التحمـل
طويلة
الأمد .. في (
باب تومة )
تتنفس
التاريخ ،
تصغي
جيداً إلى
حديث
الطين ،
وتتأمل
معمارية
هذه
البيوت
القديمة ..
تدخل في
الحواري
الضيقة ،
وتستوقفك
الأحجار
التي بنيت
منها هذه
البيوت
القديمة ،
أشكال
النوافذ
بفتحاتها
الكبيرة
المهيأة
لإستقبال
أكبر كمية
من الهواء
خصوصاً في
الصيف ،
والمحكمة
الإغلاق
في الشتاء ..
تنظر من
فتحات
البيوت
إلى
الداخل
لتقابلك
دائماً
هذه
النافورات
الجميلة
في ساحات
البيوت ،
فتغبط
الذين
يعيشون في
داخلها ..
كيف
يستمتعون
بخرير
الماء
الذي يشنف
آذانهم
صبح مساء
فلا
يحلقون في
أقاصي
المدى ..
تتأمل
شيخاً
مسناً
ينظر من
سطح منزله
القديم
إلى
المارة في
الزقـاق
الضيق
أسفل منه
وهو
يتساءل عن
العمر
الذي
إنقضى ،
ويسترجـع
ذكريات
حميمية ..
الذكريات
وحدها ما
يجعل
الإنسان
يتحمل
وطأة
الحياة في
هذا العمر
، ترى كيف
كان يعيش ؟
كم مرة أحب
؟ وأية
ذكريات
تملأ الآن
خوافقه ؟
وأية دموع
تتهيأ منذ
زمن طويل
لغسل
عينيه
الذابلتين
..؟ يستوقفك
سراج يبدو
أنه يعود
إلى زمن
الإحتلال
الفرنسي
أو ربما
أبعد من
ذلك بكثير
إلى زمن
المماليك
، وتبدأ في
تخيـل شكل
الحياة في
هذه
الحارات
إبان هذين
العصرين ..
وتضحك ،
كيف يمكن
لسراج أو
أية قطعة
أثرية
صغيرة أن
تقدم لنا
التاريـخ ..
إن هـذه
الأشيـاء
البسيطـة
هي
مفـردات
واضحة
للقراءة ،
قراءة
التاريخ ،
تصـل إلى (
باب شرقي )
وتخرج
منـه لتقف
في الخارج
تتأمـل
دمشـق
القديمة ،
دمشق
الأصـلية
، هذه هي
دمشـق
إذاً ،
وهذه
بواباتها
الموصودة
في وجه
الأعداء ،
المفتوحة
دوماً
لإستقبال
الأصدقاء
والمحبين ..
تبتعد عن
باب شرقي
بمحاذاة
السور
الكبير
المبني من
أحجار
ضخمة
مرصوفة
بعناية
فائقة فوق
بعضها
البعض ،
وفي أعلى
السور
يمتد بناء
كبير على
امتداد
السـور به
نوافـذ
صغيرة
وفتحات
أصغر
مخصصة
للأسلحة ،
وحول
السور
زرعت
أشجار
كبيرة
ممتدة
بامتداده
، وتغطي
بأغصانها
المخضرة
أجزاء
كبيرة منه
، ويبدو
أنه بعد
بناء هذا
السور
الكبير
للمدينة
قام
الأهالي
بزراعة
هذه
الأشجار
كي تخفيهم
عن
الأعداء
وبحيث
يتاح لهم
رؤية
الأعداء
من حيث لا
يرونهم ،
وإطلاق
النار
عليهم
بسهولة ..
تستغرب
وتتساءل :
ميزة
جميلة
للأشجار
واكتشاف
مدهش لأحد
أدوارها
لم تكن
تعرفه من
قبل ؟ ..
تتملكك
قناعة بأن
دمشق
مدينة
الإكتشاف
والدهشـة
، وأنها
قابلة
دوماً
للاكتشاف
وإعادة
القـراءة
والتأمل ،
والإصغاء
جيداً إلى
المعرفة
السخية
التي
تتدفق
علينا من
وجوه
البشر ،
وملامح
الأمكنة
بعبقها
التاريخي
الأثير
والمحبب .
|