الإنسان
والسلطة
قليلة
هي الدراسات
التي
تناولت
أزمة
الإنسان
العربي في
علاقته مع
السلطة
والآثار
التي
خلفتها
الأخيرة
على عقله
ونفسه
وروحه
بممارستها
لشتى صنوف
القمع
والعنف
المادي
والرمزي ،
فبنية
القهر
المسيطرة
التي تشل
الإنسان
وتصادر
حريته
وكرامته
وتحوله
إلى كائن
مسلوب
الإرادة ،
تحتاج إلى
دراسات
عميقة
تعري
الأوهام
وتفضح
المخاوف ،
وتفسر لنا
حالة
البكم
والسلبية
التي
أصابت هذه
الشعوب
العربية
إزاء ما
يحدث من
جرائم
دموية في
فلسطين
والعراق
والتي لا
يمكن
إرجاعها
سوى
لصلابة
قوى القهر
والقمع
وتغلغلها
في نفس
الإنسان
إلى حد
إفساده
وإعطابه
من الداخل ..
ربما
استطاعت
الرواية
العربية
كفن نثري
معاصر في
الكثير من
نماذجها
مقاربة
هذا
الموضوع
والنفاذ
في الكثير
من
الأحيان
إلى أعماق
هذه
العلاقة
الملتبسة
وما
يصاحبها
من شك وحذر
وخوف
وانكفاء
هروبي من
جهة
المحكومين
إزاء ما
تمارسه
السلطة من
بطش
وتنكيل
واضطهاد
وقمع
تتعدد
أشكاله
وصنوفه ،
فبعض هذه
الروايات
العربية
استطاعت
أن تشرح
ذات هذا
الإنسان
العربي
المقهور
وتقدم
قراءة
للمجتمع
وللمرحلة
السياسية
المظلمة
والآثار
السلبية
التي
خلفتها
على
الإنسان
من مصادرة
لعقله
وحريته
وكرامته
ووضعه في
حالة من
الإدانة
الدائمة
للذات
والانسحاب
من الفعل
والإسهام
العام في
المجتمع ،
إلا أن
الرواية
ورغم
كونها في
أحيان
كثيرة
مرآة
صادقة لا
تكفي
لوحدها
للإطلاع
بهذه
المهمة
الصعبة
والشائكة
خصوصاً في
ظل تراجع
المسرح
الذي
اختنقت
رئتاه
بفعل
النقص
المتزايد
للأوكسجين
، ولأن
الموضوع
شديد
الاتساع
ومتعدد
الطبقات
ويحتاج
إلى حفر
معرفي (
أركولوجي )
وتشريح
اجتماعي (سوسولوجي
) تزداد
أهمية
الدراسات
المسلحة
بمناهج
البحث
الحديثة
والمتزودة
بخلفية
معرفية عن
الدراسات
المشابهة
التي
أجريت في
الغرب
خصوصاً من
المنتمين
للتيار
النقدي في
الحضارة
الغربية
ولعل من
أبرز من
أشتغل على
هذا
الموضوع
الفيلسوف
ميشيل
فوكو
والمفكر
ريجيس
دوبريه
وعالم
الاجتماع
الفرنسي
الذي رحل
مؤخراً
بيير
بورديو
الذي قدم
دراسات
شديدة
الأهمية
عن القمع
والعنف
والأشكال
التي
يأخذها
والأقنعة
المتعددة
التي
تلبسها
السلطة
وتواري
خلفها
عنفها
الرمزي
المتماهي
مع وسائل
الاتصال
الحديثة .
ورغم
أن هنالك
الكثير من
الكتابات
والدراسات
التي
تناولت
موضوعات
السلطة
والقمع
والاستبداد
السياسي
في عالمنا
العربي
باعتبارها
موضوعات
عصرنا
الملحة
منذ عبد
الرحمن
الكواكبي
وحتى
يومنا هذا
إلا أن من
أهم الكتب
التي
تناولت
هذا
الموضوع
بكافة
مستوياته
النفسية
والذهنية
والوجودية
هو كتاب "
التخلف
الاجتماعي
.
سيكولوجية
الإنسان
المقهور "
للباحث
مصطفى
حجازي
فهذا
الكتاب
الصادر في
بيروت عام
1982م الذي لم
يسلط عليه
حتى الآن
ما يستحقه
من اهتمام
عبارة عن
تشريح
عميق
لبنية
القمع
والقهر في
المجتمعات
العربية
وتفكيك
لقواها
الفاعلة
وكشف
لمظاهرها
وآثارها
بدءً من
النظرة
للوجود
وانتهاءً
بأبسط
العلاقات
الإنسانية
بين أفراد
المجتمع
وطبيعة
الحياة
المعاشة
ورغم قسوة
التحليلات
التي
يوردها
الباحث
والتعسف
المنهجي
بعض الشيء
الذي
يحاول أن
يخضع كل
وجود
الإنسان
لرؤيته
إلا أنه
يظل
محاولة
هامة
تستحق
التأمل
والتوقف
عندها
طويلاً
لمناقشتها
واستخلاص
النتائج
وتكوين
رؤية أوضح
وأعمق
وأشمل .
إن
ما يجعل
هذا
الموضوع
شديد
الإلحاح
الآن هو ما
نشاهده
جميعاً من
الصمت
المدان
للمجتمعات
العربية
تجاه ما
يحدث في
فلسطين من
قتل
وانتهاك
للحرمات
وتدمير
للإنسان
وسلب
الأرض
والحقوق ،
كل هذه
الدماء
التي
تنقلها
شاشات
التلفاز ،
كل هذه
الأجساد
المتناثرة
بجراحها
المكلومة
النازفة
ولا تحرك
صرخة
احتجاج ،
وإذا حدثت
فأشبه
بفقاعة
صابونية
سرعان ما
يتبدد
هواءها
وتتلاشى ،
كيف يمكن
تفسير ذلك
، كيف
تتحول كل
هذه الكتل
البشرية
إلى هباء
إلى درجة
أن الحديث
عن شعوب أو
مجتمعات
بالمعنى
المديني
الحديث في
هذه
البقعة
الجغرافية
يستدعي
موجة من
السخرية
والاستهزاء
من قبل
الآخرين .
السلطة
بشكلها
القمعي
العاري لا
تخيف
والفلسطينيين
أفضل مثال
للقدرة
على
المواجهة
مع سلطة
دموية
همجية لا
إنسانية
وتحديها
بنبل
وإرادة
باسلة في
حين أن
سلطات
عديدة لا
تمارس
العنف
المادي
بشكل دائم
ولا تبرز
وجهها
العدواني
السافر
ومع ذلك
فإنها
تحصل على
خضوع لا
نهائي من
قبل
محكوميها
، وذلك لأن
هنالك عنف
موحى به من
قبل هذه
السلطة
تجاه
محكوميها
، إنها لا
توجه
ضرباتها
إلى رؤوس
المقموعين
لكنها
تشعرهم
بخطورة أي
تجاوز
للمعتاد
في طرحهم
لأراءهم
أو
تعبيرهم
عن حريتهم
أو في
محاولتهم
للقيام
بخرق أي من
الأكاذيب
التي
تروجها
لهذا يعيش
المحكوم
في رهاب
ذهني وكبت
فكري
يجبره على
الانسحاب
من الحياة
العامة ،
والتراجع
والتقوقع
داخل ذاته
،
واستبدال
الرغبة
الحرة
الواعية
في تغيير
الواقع
بانتظار
استسلامي
لما يمكن
أن يجود به
الغيب ،
والتعلق
بمخلص
وهمي ذو
قدرات
خارقة
يقلب
موازيين
القوى أو
في وضع
رهانات
خاسرة
مليئة
بالآمال
الساذجة
على
السلطة
التي يمكن
أن تصحح
مسارها
وتتبنى
سياسات
أكثر
انفتاحاً
وحرية ! .. إن
هذا العنف
الرمزي
الموحى به
، والذي
تضاعفه
أوهام
المحكومين
وخيالاتهم
المرتاعة
، هو الذي
يحقق
آثاراً
بهذا
الحجم من
الخضوع
والاستلاب
، ففكرة
السجن كما
يبدو تخيف
أكثر من
السجن
نفسه! .
إن
أولى
خطوات
التحرر من
كل سيطرة
تعسفية
تحيق
بالكائن
الإنساني
هي
الإدراك
والوعي
بآليات
هذه
السلطة في
الاستبعاد
والنفي
والتحقير
والتهميش
وخلق
العلاقات
الغير
متكافئة
إنسانيا
واكتشاف
الآثار
والتشوهات
النفسية
والذهنية
التي
يحدثها
القمع في
الأغوار
العميقة
في ذاته
والتي
تطال
حياته
اللاواعية
أيضاً ومن
ثم القدرة
على رؤية
ذاتنا
ومجتمعاتنا
بجرأة
وشجاعة
بعيداً عن
الأوهام
والحيل
الهروبية
ومواجهة
مأزق
الوجود
السياسي
والاجتماعي
والنفساني
وتخطي
أثاره .
في
توصيفه
لوضعية
الإنسان
المقهور
والآثار
التي
يخلفها
القهر في
حياته
يقول
الدكتور
مصطفى
حجازي "
تنبث
علاقة
القهر
والرضوخ
بما تحمله
من عنف في
نسيج
الحياة
النفسية
بجوانبها
الانفعالية
والعاطفية
والذهنية.
حتى الحب
يعاش في
البلاد
النامية
تحت شعار
التسلط
والرضوخ ،
تسلط
المحبوب
ورضوخ
الحبيب..
حتى حب
الأم
لأبنائها
بكل ما
يتميز به
من حرارة
عاطفية
يغلب عليه
الطابع
التملكي ،
أي في
النهاية
التسلط من
خلال أسر
الحب..
وهكذا
كيفما
تحرك
إنسان
العالم
الثالث : في
العمل كما
في
المدرسة ،
في البيت
كما في
الشارع ،
يجابه
باستمرار
بأشكال
متنوعة من
التسلط
والقهر ،
تفقده
الشعور
الأساسي
بالأمن
والسيطرة
على مصيره
، وتجعله
نهباً
للإعتباط
والقلق. كل
إنسان
راضخ
وتابع على
أي مستوى
من سلم
السيطرة
والقهر ،
يلعب دور
المتسلط
على من هم
أدنى منه
مرتبة أو
قوة "
وهكذا
تتعدد
أوجه
القوى
التي
تتضافر
كلها
لاستلاب
كينونة
الإنسان
وإلغاء
دوره
وفاعليته .
إن حياة
القهر تسم
الحياة
بطابعها
الخاص
وتزيح
القيم
الموجودة
في
المجتمع
لتنمي
قيمها
الخاصة
المتوافقة
معها
فنموذج
التلميذ
المثالي
كما يقول
الدكتور
مصطفى
حجازي" هو
ذاك
الراضخ
الممتثل
المجتهد
المستمع
المطيع
المتلقي .
هو
باختصار
الإنسان
المنقاد
طفلاً كي
يعد ليكون
أداة
مستقبلاً
، لقاء شيء
من النجاح
الفردي ،
ويعطى
مظاهر
الوجاهة
المادية .
أما قيم
الشجاعة
والجرأة
الأدبية
والمجابهة
والثقة
بالنفس
والتعاون
الجماعي ،
والخلاص
الجماعي ،
وأما قيم
التمرد
والتصدي
والثورة .
فهي آفات
يجب أن
تحارب "
وتتعدد
أثار
القهر
والقمع
فمنها
العنف
المقنع
الذي هو
عبارة عن
ارتداد
العدوانية
على الذات
على شكل
إدانة
دائمة
وتبخيس من
قيمتها أو
على شكل
أمراض
عضوية
أسبابها
وجذورها
نفسية ومن
مظاهر
القهر
وأثاره
العامة
التي تسم
السلوك
الشخصي
الكسل
واليأس من
انعدام
إمكانية
الارتقاء
بوضعه من
خلال
الجهد
والعمل
وظاهرة
تخريب
الممتلكات
العامة
والعدوان
اللفظي
على
الآخرين
بالنكات
والتشنيعات
على
اختلافها
كما يشجع
الخوف من
السلطة
ظواهر
الغش
والاحتيال
والاستغلال
بقدر ما
تسمح
إمكانيات
التهرب من
الملاحقة
وانعدام
مفهوم
المصلحة
العامة
وانهيار
الانتماء
الاجتماعي
واستباحة
حقوق
الآخر
كلما أمكن
والشعور
بانعدام
القيمة
الذاتية
ومحاولات
التعويض
بأساليب
بالغة
الخسة .
إن
موضوع
علاقة
الإنسان
مع السلطة
في العالم
العربي
موضوع
بالغ
الأهمية
وهو يحتاج
الكثير من
الأعمال
الفنية
الجريئة
ومن
الدراسات
والبحوث
العميقة
والجادة
لأنه هو
المدخل
الرئيس
لتفسير
حالة
التراجع
والهزائم
والاخفاقات
المتتالية
التي
منينا بها
خلال
الخمسين
سنة
الأخيرة
ولكشف
مقدار
الهشاشة
الداخلية
التي يرزح
تحتها
الإنسان
وتفسير
سلبية
المجتمعات
العربية
التي يبدو
أنها تعيش
خارج
السياسة
وخارج
التاريخ .
|