الذاكرة
الشفهية !
مثلما
يكبر
البشر
تكبر
المدن
وتشيخ ..
الأماكن
تتغير ،
والمعالم
تزال ،
والتاريخ
يتحلل
والذاكرة
تضيع
وتتلاشى
بمرور
الأيام
والسنين ،
ولعل
المتأمل
في مدننا
العمانية
يلحظ حجم
التبدلات
الهائلة
التي طرأت
عليها
وغيرت
معالمها
إلى درجة
كبيرة
وبشكل لا
يمكن
تعويضه أو
استعادته
على مستوى
الذاكرة ..
إن نظرة
متأملة
لصورة
المدن قبل
ثلاثين أو
أربعين
سنة
وصورتها
الحالية
تكشف حجم
الانقلاب
الكبير
الذي حدث
في ملامح
هذه المدن
وأشكال
الحياة
فيها
والعلاقات
بين البشر
، فالصورة
التي
تحملها
الذاكرات
المسنة عن
هذه المدن
قديماً ،
وحين يتم
استعادتها
بكثير من
الحزن
تكشف حجم
الخسارات
التي ضاعت
،
والأشياء
الكثير
التي كان
بالإمكان
الحفاظ
عليها ولم
يحدث ،
فالعديد
من
الأحداث
التاريخية
والوقائع
الهامة
وأشكال
الحياة
والتعبير
التي أعطت
لهذه
المدينة
أو تلك
سماتها
الخاصة
ضاعت
واعتراها
الكثير من
الضباب
وأصبحت
تحت رحمة
النسيان
الذي يقرض
كل يوم
شيئاً من
تفاصيلها
، لأنها في
الغالب لم
تدون
وبالتالي
غدت
مرهونة
بالذاكرة
الشفهية
العرضة
للضياع
يوماً بعد
يوم ، ولأن
العديد من
المسنين
ومن ذوي
المعرفة
الكبيرة
بالمدن
والناس
والأحداث
قد طواهم
الموت فقد
ضاعت معهم
وإلى
الأبد
ثروة
كبيرة من
المعلومات
والتفاصيل
الهامة
التي كان
بإمكانها
أن تشكل
تراكماً
في الوعي
والذاكرة
، فهؤلاء
نتيجة
لعدم
القدرة
على
التسجيل ،
ولأن
الكثير
منا نحن
الذين
أتيح لنا
الحظ في
التعليم
لم نقم
بالجهد
الكافي
لمساعدتهم
على ذلك ،
نتيجة
لكسلنا
ولقلة
مبالاتنا
وتخلينا
عن
المسؤلية
، فقد
حرمنا
أنفسنا
والأجيال
التي
ستأتي
بعدنا من
ثروات
معرفية لا
تقدر بثمن
كان
بإمكانها
أن تفيد
بالكثير
والكثير ..
فإلى الآن
لازالت
الغالبية
منا لا
تملك
معرفة
كبيرة
بأشكال
الحياة في
الثلاثينات
والأربعينات
والخمسينات
والستينات
من القرن
الماضي ،
كيف عاش
آباؤنا
وأجدادنا
، كيف
كافحوا من
أجل مصادر
الرزق
وكسب
العيش ،
كيف روضوا
الطبيعة ،
وكيف
صارعوا من
أجل
حريتهم
ووجودهم ،
وكيف ترى
كانت
ملامح
الحياة في
تلك
الفترات
ما هي
الأحداث
الهامة
التي مرت
على المدن
كيف تفاعل
الناس
معها
واستجابوا
لها .. من هي
النماذج
الغنية من
الشخصيات
التي عاشت
في هذه
المدن ، ما
هي أبرز
ميزاتها
وسماتها ،
وكيف عبرت
عن نفسها
في مختلف
مجالات
الحياة .. ما
هي
الصناعات
التي
تميزوا
بها ، ومن
هم أبرز
الصناع ،
كيف كانت
طرائقهم
المختلفة
والمتمايزة
في
الصناعة ..
القصائد
والحكايات
والخرافات
والأساطير
والأغاني
التي
رددوها ،
والتي
تكشف
الكثير من
نظرتهم
للوجود
وأحلامهم
وأحزانهم
وأفراحهم
الصغيرة ! ...
إن كل ذلك
لا يزال
يحتاج إلى
تسجيل
وتدوين
يستطيع أن
يستنهض
الحياة من
جديد في
هذه المدن
بأماكنها
وبشرها
والتفاعلات
الإنسانية
بينهم
وأيضاً
العلاقات
مع
الآخرين ،
ولا شك أن
أحد ما
يميز
تجربة
الحياة
لدى
الإنسان
العماني
هو غنى هذه
التجربة ،
لأنه منذ
الأزمنة
القديمة
لم يعتد
الركون
طويلاً في
مكان
بعينه بل
كان دائم
الترحال
والسفر ،
لذا عرف
مبكراً
مدنناً
عديدة ،
وعاش
أحياناً
سنوات
طويلة
فيها ،
واحتك
بثقافات
مختلفة ،
وتكونت له
بالتالي
علاقات
واسعة في
المواني
والبلدان
البعيدة
لهذا كان
منفتحاً
ومتقبلاً
للآخر ،
وربما كان
أكثر غنى
منا نحن
الشباب
الذين
نزهو
بمعرفتنا
الضحلة ،
وتجربتنا
المحدودة
، لهذا فإن
مرور
الكثير من
النماذج
الإنسانية
الغنية
دون أن
ترسخ
وتخلد في
الذاكرة
خسارة
كبيرة
ومحزنة ،
فلأنها لم
تجد من
يكتب عنها
وعن
الأحداث
التي
عاشتها
ضاعت وبات
من
المتعذر
تكرارها
أو حتى رسم
صورة
واضحة
لحياتها ،
وستصبح
أكثر
صعوبة في
الأزمنة
اللاحقة
خاصة حين
تموت
الذاكرات
الشفهية
المتبقية
ويطويها
الموت
والنسيان
ولن تبقى
ساعتها
لدى
الأجيال
الحالية
والجديدة
سوى ذاكرة
مشوشة ،
مشوهة ،
وشديدة
الفقر
والابتسار
.
إن
الحاجة
اليوم إلى
التسجيل
وملاحقة
ما ضاع
تزداد
أهمية ،
ولعل في
البقية
الباقية
من
المسنين
ممن
لازالوا
يملكون
ذاكرة
قوية هي
الفرصة
الأخيرة
المتاحة
أمام
الأجيال
الجديدة
التي
ينبغي أن
تسخر ما
تعلمته من
أجل
التسجيل
ومحاولة
استنطاق
هؤلاء
الشهود
الأحياء
ومساعدتهم
على إفراغ
ذاكراتهم
في وعاء
يحفظها
ويمنعها
من
الاندثار
والتلاشي
، وهذه هي
المسؤولية
الكبيرة
الملقاة
علينا
جميعاً ،
لأنه بعد
سنوات
طويلة
وحين يراد
استعادة
ما مضى من
تاريخ
وأحداث ،
وحين يشعر
الجميع
بصعوبة
التذكر ،
وتشوش
المعرفة
وضبابيتها
، ستمتلئ
القلوب
حتماً
بالأحزان
والحسرات
على ما ضاع
من
معلومات
وأحداث
وتفاصيل
غنية
وهامة ،
كانت
ستعطي
الكثير من
الرسوخ
المعنوي
والإمتداد
الحضاري
العميق
والأصيل ،
ولأن
الحاجة
إلى
الكتابة
ستأتي
لاحقاً ،
وبشكل
أكثر
إلحاحاً
كسنة
حتمية
للتطور ،
فساعتها
لن يجد
الباحثون
والفنانون
مادة
مسجلة
يرجعون
إليها
تعينهم
على تقديم
أعمال
هامة
وغنية
تعيد
للمدن
مكانتها
واعتبارها.
|