الشخصيات
الروائية
من
ضمن
الأسئلة
التي
شغلتني
طويلاً
ولا زالت
هو السبب
في عدم
وجود
شخصيات
روائية
عربية
تضـاهي في
عظمتها
شخصيـة "
زوربا "
لنيكوس
كازنتزاكي
أو شخصية "
إيفان
كرامازوف
" و "
راسكولنيكيف
" و "
الأمير
ميشكين "
لفيدور
دستويفسـكي
أو شخصيـة
" فاوسـت "
لجوتـه أو
شخصيــة "
دون
كيخـوته "
لسرفانتس
" أو
شخصيـة "
آخاب " في
رواية "
موبي ديك "
للروائي
هرمان
ملفل أو
شخصية "
مدام
بوفاري "
لفلوبير
أو شخصية "
هاملت "
لدى
شكسبير في
المسرح ..
فهذه
الشخصيات
الروائية
حظيت
بشهرة
كبيرة
جعلتها
ربما في
أحيان
كثيرة
أشهر من
خالقيها ،
لأنها
إمتلكت
استقلاليتها
الكاملة ،
ولأن بها
من الغنى
والتعدد
والصراع
الداخلي
المتوتر
والرؤية
المغايرة
والمتفردة
للكون
والوجود
ما يجعلها
تحظى
بإهتمام
كبير إلى
درجة
إخضاعها
للدراسة
والتحليل
السيكولوجي
من قبل
المتخصصين
في محاولة
لإكتشاف
الدوافـع
والتناقضات
والصراع
والعقـد
النفسية
الغامضة
في هذه
الذوات
الحية ،
وغني عن
القول أن
فرويد في
إكتشافه
للتحليل
النفسي قد
إعتمد
كثيراً
على
تحليلاته
لبعض هذه
الشخصيات
الروائية
العظيمة ،
التي
استطاعت
أن تتجاوز
حالتها
الفنية
وشروطها
المجازية
لتصبح
ممثلة
للحيرة
الإنسانية
في كل زمان
ومكان .
إن
هذه
الشخصيات
الروائية
العملاقة
التي
نجدها في
عدد محدود
من
الروايات
العالمية
تكاد أن
تكون
غائبة عن
الأدب
العربي ،
فالشخصيات
المتفردة
التي تملك
استقلاليتها
الكاملة
عن راويها
تكاد أن
تكون
قليلة بل
نادرة
مقارنة
بالكم
الكبير من
الكتابات
الروائية
العربية
ولعل
أبرزها
شخصية
أحمد عبد
الجواد (سي
السيد ) في
ثلاثية
نجيب
محفوظ ،
وشخصية
الحكيم
صبحي
المحملجي
في خماسية
مدن الملح
لعبد
الرحمن
منيف ،
وشخصية
الشيخ
غوما في
رباعية
الخسوف
لإبراهيم
الكوني ،
إلا هذا
القليل
إلى الآن
لم يصل بعد
إلى قامة
تلك
الشخصيات
العملاقة ..
أتذكر
أنني سألت
أحد
الروائيين
العرب
الكبار في
فرصة
أتيحت لي
للقاء معه
عن أسباب
عـدم
تواجد
شخصيات من
هـذا
النوع في
الروايـة
العربية
فرد علي
بالقول : "
إن عمر
الرواية
العربية
عموماً
قصير
وثانياً
إن هذا
القول ليس
دقيقاً
لأن هنالك
شخصيات
روائية
عظيمة مثل
شخصية "
وليد
مسعود "
التي
أبدعها
الروائي
الراحل
جبرا
إبراهيم
جبرا في
روايته "
البحث عن
وليد
مسعود "
وهنالك
شخصيات
غيرها .. فلا
ينبغي أن
نرمي
بالمقولات
على
عواهنها "
إلا أنني
لم أقتنع
تماماً
وتركت
الموضوع
في رأسي
مطروحاً
للتساؤل
والتأمل ،
فمن بين
الأسباب
الأولية
التي أرى
أنها ربما
التعليل
الأصوب
لعدم قدرة
الرواية
العربية
على إبداع
مثل هذه
الشخصيات
العظيمة
والفريدة
هو ما
يتعلق
بطبيعة
المجتمع
العربي
أصلاً ،
لأن كـل
روايـة في
المحصلة
هي ابنة
بيئتها ،
ولن
تستطيع في
النهاية
القفز عن
واقعها
والإنسلاخ
تماماً من
بيئتها ،
إنها في
أقصى
الإحتمالات
مرآة
للمجتمع
والباقي
متروك
لقدرة
الروائي
وإجتهاده
وموهبته ،
ولأن
المجتمع
العربي
مجتمع
مكبوت
ومأزوم ،
ولم يتمكن
بعد من طرح
أسئلته
الخاصـة
والعميقـة
، ولم
تتجلى
فيـه بعد
الشخصية
المتفردة
،
المستقلة
، الحرة في
اختيار
مصيرها
وصنعه ،
كما حـدث
في الغـرب
، فالفرد
في واقـع
الحياة
العربية
لا زال ملك
للجماعة ،
وهو مقيد
إلى حد
كبير
بنظرة
الآخر ،
القريب
والصديق
وإبن
العشيرة ،
أكثر مما
هو مستند
إلى ذاته ،
فالأهل
والعشيرة
هم
المرجعية
الأولى
وليس
الذات ،
فبالتالي
فإن شخصية
الإنسان
العربي
عموماً
تتجه
أفقياً
نحو
الآخرين
أكثر مما
تتجه
عمودياً
نحو الذات
في مساءلة
وتشكك
ونقد
وحوار ،
فلهذا فإن
الشخصية
الروائية
العربية
هي إبنة
هذه
البيئة
العربية
المكبوته
، لهذا فمن
الصعب
إزاء هذه
البيئة
وهذا
الواقع أن
يخلق
الروائي
العربي
شخصية
روائية
تتصارع
فيها
الأسئلة
عميقاً
كما
تتصارع
لدى هاملت
أو إيفان
كرامازوف
، لأن هذه
الشخصيات
تتجاوز
سلطة
المجتمع
لتصطدم
بسلطة
الأنا
الأعلى ،
وهذا ما
يسبب
حيرتها
شقاءها
الذي
يمنحها
تفرداً لا
يضاهى ! ،
وبالتالي
فإن تطور
ونمو
معمار
الشخصيات
الروائية
العربية
مرتبط
بتطور
المجتمع
العربي
ومدى
الانفتاح
ومساحة
الحرية
التي يمكن
أن توجد به
، وعندها
ستتمكن
الرواية
بشكل أكبر
أن تكون
شاهدة على
ما حدث وما
يمكن أن
يحدث من
تغيير ،
وأن تكون
دافعة له
في نفس
الوقت ،
وفي كل ذلك
ستنمو
وستتشكل
وستحدد
هويتها
الخاصة
والمتفردة
وتبرز
شخصياتها
الروائية .
|